دعا عبد الجليل الحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية إلى إحياء وتسويق الأدب الإفريقي عالميا من طرف إفريقيا نفسها.
وأكد الحجمري، الذي كان يتحدث خلال اللقاء الافتتاحي لندوة دولية بعنوان "اختراع الكتابة وواقع السرد باللغات الأفريقية" من تنظيم أكاديمية المملكة، انطلقت يوم الأربعاء 18 يناير وتستمر 3 أيام، أن العالم يتحرك ويظهر أهمية الأدب الإفريقي ويحتفي به في مختلف القارات، داعيا إلى بناء مشروع من أجل أدب إفريقي يحتفى به محليا أولا، موردا أن دور النشر الافريقية، نظرا لإمكاناته المتواضعة، تكتفي بنشر ما هو بيداغوجي محض، دون الالتفات إلى الأدب المحلي.
وأكد المتحدث أن الاحتفاء بإفريقيا الأصيلة والمعاصرة في آن "لن يكون إلا عن طريق الكتاب بمختلف مشاربهم، لأن الأديب هو شاهد نشيط على زمنه"، موردا أن اللغة هي وسيلة التفاهم عالميا، وأنه على إفريقيا الشتبث بتعددها وثرائها الإثني واللغوي، "لكن علينا أولا أن نعرف كيف نشتغل على الترويج للغاتنا، وكيف يمكن للمقررات التربوية مواكبة ذلك".
واعتبر المتحدث أن اللقاء هو فرصة لتقديم فهمنا لهذا العالم، ولمكانة لغاتنا في وسط تنافسي، حيث لابد من التعايش والمشاركة في الملتقيات الدولية وعدم التقوقع والانكفاء على الذات.
من جهته، استعرض ضيف الندوة "مبير مفون باموم محمد-نبيل مفوريفوم مبومبو نجويا"، سلطان مملكة باموم المتواجدة شرق الكاميرون، المملكة، الذي يبلغ 14 قرنا، بمساحة تصل الآن إلى 7000 كيلومتر، مع عدد ساكنة في حدود مليوني شخص.
تقع باموم، وفق السلطان، شرق الكاميرون، وهي محاطة بـ 3 جبال كبيرة بعلو يقارب 2000 متر.
ووجه نجويا عبر كلمته شكراً خاصا وامتنانا للملك محمد السادس، نيابة عن ساكنة المملكة أيضا، منوها برؤيته المتبصرة للثقافة الإفريقية وكيفية النهوض بها في مواجهة التحديات المعاصرة.
نجويا، نوه أيضا بمجهودات أكاديمية المملكة في الحفاظ على الإرث الإفريقي، من خلال كرسي الآداب والفنون الإفريقية، مستعرضا تاريخ سلطنة "باموم" الثري والتليد، مؤكدا أنها تتميز بالتشبث بأصولها وتقاليدها بشكل كبير، مما جعلها تسجل من طرف اليونسكو كتراث إنساني.
كما قارن المتحدث بين مساريْ الملك محمد الخامس، وجده سلطان "باموم"، موردا أن الاثنين معا قاوما الاستعمار، وأن هناك تقاربا روحيا مع المغرب يتجلى خصوصا في عدد من الزوايا.
يذكر أن ختام الندوة شهد تبادلا للهدايا والتذكارات، بين أمين سر أكاديمية المملكة، وسلطان "باموم"، إضافة إلى اللباس التقليدي الرمزي لمملكة "باموم".
يذكر أن فكرة هذا اللقاء، الذي ينظم في إطار أنشطة كرسي للآداب وللفنون الإفريقية الذي استحدثته الأكاديمية، تتمثل في استكشاف حالة السرد في إفريقيا من خلال اللغات الإفريقية القديمة والجديدة التي تتخذ كخيارات مختلفة لترجمة فكر ومقاومة وتجربة مجتمعية.
كما ستتناول أيام الندوة، من خلال مختلف المداخلات المبرمجة، تجربة الابتكار اللغوي الإفريقي، من خلال بعض الشخصيات واللغات المعروفة والجديدة، ضمن سرد قاري مرتبط بالمغامرة العالمية للأفكار.
وخلال يومي 19 و20 يناير الجاري، سيتم تنظيم جلسات بمشاركة العديد من الخبراء والمؤرخين والأساتذة من عدة دول من ضمنها الولايات المتحدة والسنغال ونيجيريا وبوركينا فاسو وغينيا وبنين وهايتي.
وسيقدم عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمناسبة محاضرة حول موضوع "معيرة اللغة الأمازيغية (اللغة والكتابة) رهان محلي".
وحسب أكاديمية المملكة المغربية، هناك "حجاب سميك ينظر الكثيرون من خلاله إلى اللغات الإفريقية نظرة دونية معتبرين إياها لهجات لا غير، في حين أنها أدوات تواصل مكتملة. ومن ثم يعتبر هؤلاء اللغة الإفريقية وليدة لحظة تاريخية محدودة في الزمن، تشهد على ماض ولى دون أن تكون جديرة بأي قدرة على الابتكار أو توليد للمفاهيم".
يشار إلى أن أكاديمية المملكة المغربية استحدثت كرسي للآداب وللفنون الإفريقية في ماي 2022، وذلك بهدف الإسهام في تقريب المسافات من خلال الأدب والفنون وربط الشمال بالجنوب.
وسبق للأكاديمية أن نظمت ندوتين في إطار هذا الكرسي، الأولى تكريماً للأديب المالي الراحل يامبو أولوغيم، تحت عنوان "من واجب العنف إلى واجبات الآداب"، والثانية تحت عنوان "العائلة والنظر إليها كمتاهة أو كاستعارة".